سيد بن حسين العفاني ؛ قدم له محمد صفوت نور الدين

الهمة العالية درجة شخص إليها العباد والزهاد والمجاهدون والعلماء والحكماء، وإليها شمّر السابقون من الأنبياء وأصحابهم ومن سار على منهجهم، وفيها أنفق المنفقون ومن وافقهم، فهي قوت قلوب السالكين، وغذاء أرواح العارفين، وقرّة عيون المؤمنين الموحدين. والهمّام يأنف أن ينزل من سماء مطلبه العالي، في سفر دائم بالقلب إلى الله ليحصل له ويفوز به، فإنه طالب لربه تعالى طلباً تاماً بكل معنى واعتبار؛ في عمله وعباداته ومناجاته، ونومه ويقظته، وحركته وسكونه، وعزله وخلطته، وسائر أحواله. فقد انصبغ قلبه بالتوجه إلى الأعمال، ولا يقف عند عرض ولا درجة، فإن ذلك نزول من همته على المطلب الأعلى الذي لا شيء أعلى منه، والأعراض والدرجات دونه، وهو يعلم أنه إذا حصل له فهناك كل عرض ودرجة عالية.

والقارئ يعيش بين سطور هذا الكتاب وقتاً طويلاً، يحسن الصحبة مع أصحاب الهمم العالية في مختلف مراحل أعمارهم، وكافة وظائفهم ومهامهم، بين القضاة والحكام والعلماء والمجاهدين. يذكر المؤلف همة سيد المرسلين الذي قالت فيه أم المؤمنين رضي الله عنها: وأيكم يطيق ما كان يطيق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويسرد جوانب من علوّ همة الجيل القرآني الفريد، الذين تربوا على عين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد، وفي هذه الروضة، فكانوا سادة الدنيا وملوك الآخرة. وبالإضافة إلى ذلك يذكر المؤلف همّة المرسلين، وعلوّ الهمة في الكتاب والسنّة، وتأتي بقية فصول الكتاب، فصل عن دناءة الهمة، وعلوّ الهمة في طلب العلم، والدعوة إلى الله، وعلوّ الهمة في الصلاة والصوم، والزكاة والحج، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر علوّ همة الصبيان، والنساء، والشيوخ، والملوك، والوزراء.